تجددت مرة أخرى الدعوات الى إلغاء عيد الأضحى هذا العام من أجل المحافظة على الثروة الحيوانية وخاصة منها قطيع الخرفان الذي يعرف استنزافا وعمليات ذبح عشوائية وصلت حد تهديد استمراريته.
واعتبر لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، أن الحل الوحيد لتحقيق التوازن من جديد في علاقة بقطيع الخرفان وتعديل أسعاره التي شارفت على بلوغ 60 دينارا للكيلوغرام الواحد، هو الحد من عمليات الذبح التي يتعرض لها.
وبين أن إلغاء شراء الأضحية لهذا العام هو الآلية الأساسية والأهم للوصول الى ذلك. مشيرا الى أن القرار ليس بدعة فدول عربية مثل المغرب ومصر اعتمدته سابقا من أجل الحفاظ على ثروتها الحيوانية أو مجابهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها.
وبين الرياحي أن توريد أضاحي العيد، فضلا على ما سيكون لها من كلفة باهظة على المجموعة الوطنية ككل، لن يعدل من مستوى الأسعار المرتفعة للأضاحي كما أنها ستبقي على مشكل فرضية ذبح جزء من القطيع المحلي من الخرفان وبالتالي لن يتغير الوضع بل سيعاد إنتاج المشكل بشكل جديد فقط.
ونبه في نفس السياق رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، إلى أن عيد الاضحى لهذا العام يتزامن مع فترة يكون فيها قطيعنا من الخرفان صغيرا في السن لم يبلغ في غالبيته سن الأضحية أي “الحول”. كما بين أن السعر المرتفع للحوم الحمراء ستكون له تأثيرات على أسعار الخضر وتواصل ارتفاعه سينعكس على بقية أثمان المواد الاستهلاكية الغذائية.
في نفس سياق دعوة إلغاء الأضحية أوضح الباحث في الفكر الإسلامي محمد بن حمود في تصريح إعلامي سابق، أنه “لا يمكن إلغاء عيد الأضحى، إنما يمكن إلغاء الأضحية، فعيد الأضحى مناسبة دينية، يحتفل بها المسلمون. إلا أن الأضحية هي سنة مؤكدة وليست فرضا واجبا” وأضاف في السياق ذاته أن “العبادات أصبحت اليوم عادات مجتمعية، والأضحية باتت عادة تدفع أحيانا محدودي الدخل إلى التداين من أجل توفيرها”.
ورحب الباحث في العلوم الإسلامية، بـ”فكرة إلغاء الأضحية، أو ترشيدها لمن استطاع إليها سبيلا، والاكتفاء بالاحتفال بالعيد، وفق المقدرة الشرائية لكل مواطن دون الشطط في ذلك”.
وتحتاج تونس إلى ما بين 800 و900 ألف رأس من الخرفان سنويا في عيد الأضحى وهي لا تنتج اليوم حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء إلا نحو 60% منها.
وتشرف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري خلال عيد الأضحى على عمليات بيع جزء منها بالميزان في نقاط بيع منظمة يتم تحديد سعر الكيلوغرام منها سلفا، وتكون تحت إشراف ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى بالاشتراك مع المجمع المهني المشترك للحوم الحمراء، في حين يتم تداول بقية الأضاحي بنقاط بيع في المدن الكبرى والمناطق الريفية الداخلية ويتوقع أن تعرف الأسعار هذا العام قفزة غير مسبوقة، سيصل خلالها سعر الكيلوغرام (حي) أكثر من 20 دينارا ما يجعل خروفا بين 70 و80 كيلوغرام سعره في حدود 1500 دينار كما قد تصل أسعار الأضحية دون ميزان الى حدود 2000 دينار.
وقال أحمد عميرة رئيس غرفة القصابين في نفس السياق، إننا نسجل نقصا في كميات الأضاحي هذه السنة وارتفاعا مشطا في الأسعار، وأفاد أن الخرفان التي ولدت خلال فصل الربيع الحالي، لا يمكن أن تكون جاهزة خلال عيد الأضحى لتلبية حاجيات المستهلكين، كما اعتبر أن عديد المسؤولين بصدد مغالطة الرأي العام التونسي بحديثهم عن توفّر الأضاحي بالكميات اللازمة. وكشف أن الغرفة قد قامت بمراسلة وزارة الفلاحة من أجل الجلوس الى طاولة الحوار والأخذ بمقترحات أهل المهنة للوصول الى حلول لمنظومة اللحوم الحمراء التي تشهد اختلالا كبيرا منذ سنوات.
ويتوزع قطيع الأغنام على مختلف الجهات بنسبة 39 % بالشمال و44 % بالوسط و17% بالجنوب. وتمثل سلالتا البربري 61 % من مجموع الأغنام والغربي 35 % من مجموع الأغنام. ويعدان من أهم السلالات اللحمية إضافة إلى سلالة سوداء تيبار التي تبلغ 2% من القطيع وسلالة الدمان(1%) والصقلي صردي (1%) وهي سلالة لإنتاج الألبان.
وتنتج تونس سنويا حوالي 120 ألف طن من اللحوم الحمراء، إلا أنها سجلت تراجعا في معدل استهلاك الفرد للحوم الحمراء من 11 كيلوغراما سنويا، قبل عام 2011، إلى تسعة كيلوغرامات سنويا في الوقت الراهن، وهو من أضعف المعدلات العالمية.
وللإشارة تمت خلال السنة الفارطة الدعوى الى إلغاء عيد الأضحى، غير أن مفتى الجمهورية الشيخ هشام بن محمود آنذاك ذكر أن “الأضحية هي شعيرة من شعائر الله لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمُ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ﴾ (الحج الآية 32)، وإن تقديم الأضحية لله والتقرب بها إليه من أعظم العبادات وأجل الطاعات”. وأضاف أن “الأضحية هي سنة مؤكدة داوم على فعلها الرسول صلّى الله عليه وسلم، ويقوم بها المسلم على قدر الاستطاعة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلّانَا” (أخرجه ابن ماجة وأحمد)، وقد ذهب الإمامان مالك والشافعي على أنها من السنن المؤكدة”.