احتضن فضاء التياترو بالعاصمة، مساء السبت، العرض الأول لمونودراما “ماسح الأحذية” وهي من أداء الممثل محمد علي العباسي وإخراج حافظ خليفة، ودراماتورجيا بوكثير دوما عن نص أصلي للكاتب خالد الجابر.
تدور أحداث “ماسح الأحذية” على مدى 60 دقيقة في نفق محطة للقطار حيث يعمل رجل منظفا للأحذية، وتظهر على هذا الرجل علامات التشرد، لكن مع تتالي الأحداث يكتشف المتفرج أنه في الحقيقة أستاذ جامعي هارب من الحرب بعد ان فقد جميع أسرته وهويته وانتماءه، وأصبح يعيش اغترابا وجوديا، حاملا معه حقيبة قديمة معبّأة بالأحذية هي عبارة عن رموز وأسرار حياته.
وفي محطة القطار يحاول الرجل كسب قوته اليومي على أمل أن يسد جوعه ويدخر ثمن تذكرة رحلته في القطار، لكن يحدث زلزال وينهار النفق ليجد نفسه معزولا عن الخارج رفقة غرباء هم عسكري ورجل ثري وجامعي وامرأة مطلقة.
على المستوى الفني، خيّر المخرج حافظ خليفة الاعتماد على الممثل الواحد على الركح وأن يكون العمل مونودراميا، رغم تعدد الشخصيات في النص الأصلي للمسرحية، فكان لا بد للممثل محمد علي العباسي أن يملأ الركح ويُنوّع أداءه وأن يجسّد بقية الشخصيات الغائبة، مستعينا بجملة من العناصر البصرية كمحطة القطار والرجل العسكري ورجة الزلزال، فعزّزت من واقعية الأحداث وجعلت المشاهد يعيش القصة بشكل شبه واقعي.
وتميّزت الإضاءة في أغلب ردهات العرض بالقتامة، وهي رؤية فنية مقصودة من المخرج حافظ خليفة لإبراز الجوانب النفسية للشخصية وما تعيشه من حالة اغتراب وحيرة وضياع وتمزق، وهو أيضا ما عكسته المؤثرات الموسيقية المختارة بعناية والتي أبرزت مشاعر الفوضى والقلق المهيمنة على نفسية ماسح الأحذية.