في عمادة العبّاسية من معتمدية قرقنة بولاية صفاقس، يقف منزل الأب الروحي للاتحاد العام التونسي للشغل، الزعيم النقابي فرحات حشاد، شاهداً على الإهمال والنسيان. بيت مهجور، جدرانه تتآكل، وأركانه تتداعى، يحاكي بصمته وجعه التاريخي، ويصرخ دون صوت: “أين الدولة؟” فرحات حشاد، المولود يوم 2 فيفري 1914 في جزيرة قرقنة، قُتل غدراً يوم 5 ديسمبر 1952 خلال فترة الاحتلال الفرنسي. كان محبوب الجماهير، مناضلاً شرساً في وجه الاستعمار، ومدافعاً شرساً عن حقوق العمال والكادحين. لم يكن مجرد قائد نقابي، بل رمزاً للنضال الوطني والاجتماعي.
لكن، اليوم، منزل الشهيد يندثر، ينهار تحت وطأة اللامبالاة، يغرق في صمت الإهمال، ويذوب مع ملامح التاريخ الذي كان من المفروض أن يُخلّد. كنّا نحلم بتحويل هذا المعلم إلى متحف وطني يروي نضالات التوانسة ضد الغزاة، متحف يحمل صوراً، مقتنيات، وذكريات رجل صنع مجداً لوطنه. لكن لا صور، لا غرفة، لا إطار يحكي عظمة وشموخ الرجل… فقط مشهد سريالي، كأننا داخل مسلسل حزين بنهاية مأساوية. ويبقى السؤال مطروحاً: إلى متى يستمر هذا الصمت؟ وإلى أين نسير بتاريخنا؟
