يشهد قطاع السياحة في تونس انتعاشة ملحوظة خلال عام 2024، مع مؤشرات بعودة قوية للنّشاط السياحي لمستويات ما قبل جائحة كورونا، وتُظهر الإحصائيات الصادرة عن وزارة السياحة التونسية ارتفاعًا ملحوظًا في عدد السّياح الوافدين خلال الأشهر الأولى من عام 2024، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث تجاوز عددهم المليوني سائح.
وأظهرت بيانات وزارة السياحة التونسية أنّ عدد السيّاح الوافدين على البلاد خلال الفترة من 1 جانفي إلى 20 أفريل 2024 قد بلغ حوالي 2.125 مليون سائح، مُسجّلاً انخفاضًا طفيفًا بنسبة 3.4% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، عندما وصل عدد الوافدين إلى 2.2 مليون سائح.
ورغم هذا التراجع الطفيف، تُشير التوقعات إلى أنّ قطاع السياحة في تونس سيواصل انتعاشه خلال عام 2024. فقد أكّد وزير السياحة والصناعات التقليدية، محمّد المعز بلحسين، خلال زيارة له إلى المنستير، مؤخرا، أنّ الوزارة تسعى لِتعزيز النتائج الإيجابية التي تحقّقت عام 2023.
يُولي المعز بلحسين اهتمامًا كبيرًا لِجودة الخدمات السياحية والبنية التحتية في تونس. فقد شدّد على ضرورة التركيز على هذه العناصر خلال عام 2024، لِضمان تجربة سياحية مُميزة للوافدين. وتشمل مجالات التركيز، تحسين جودة الخدمات في الفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية، وتطوير البنية التحتية السياحية، بما في ذلك المطارات والطرق والمواقع الأثرية، وتوفير خدمات استقبال ونقل مُمتازة للسياح، والحفاظ على نظافة البيئة وضمان جودة أماكن الإقامة، وصيانة المواقع الأثرية والتاريخية وتطويرها لِجعلها أكثر جاذبية للسياح.
ويُؤكّد المعز بلحسين أنّ تحقيق الجودة في القطاع السياحي هو مسؤولية الجميع، بما في ذلك المواطنين. ويشدّد على ضرورة مشاركة الجميع في الحفاظ على نظافة البيئة وحسن استقبال السيّاح.
ارتفاع عدد السّياح الوافدين
وخلال عام 2023، استقبلت تونس 9.37 مليون سائح، ممّا يُمثل زيادة بنسبة 45.5% مقارنة بعام 2022. ويُشير هذا الارتفاع إلى تعافي القطاع بشكلٍ سريع من تداعيات جائحة كورونا، كما تجاوزت إيرادات السياحة 7 مليارات دينار (حوالي 2.23 مليار دولار أمريكي) خلال عام 2023، ممّا يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا على تحسن أداء القطاع.
كما شهدت تونس عودة ملحوظة للسّياح الأوروبيين، وهي أحد أهم الأسواق التقليدية لتونس، حيث ارتفع عدد السّياح الفرنسيين الوافدين بنسبة 50% خلال عام 2023، بينما ارتفع عدد السّياح الألمان بنسبة 20%.
وتُولي تونس، اليوم، اهتمامًا كبيرًا لِتنويع عروضها السياحية، وجذب سّياح من مختلف أنحاء العالم. وتشمل هذه الجهود تطوير السياحة الثقافية، والسّياحة البيئية، والسّياحة العلاجية، والسّياحة الرياضية.
وبدأت عائدات السياحة التونسية تشهد ارتفاعا ملحوظا، بنهاية الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي 6.3 مليار دينار، بحسب بيانات البنك المركزي التونسي. ويمثل ذلك نموا بنسبة 38% مقارنة مع 4.5 مليار دينار التي تحققت خلال نفس الفترة من العام الماضي، أي بزيادة تزيد على 1.7 مليار دينار.
ووفقًا لبيانات وزارة السياحة والصناعات التقليدية التونسية، بلغ عدد السياح الوافدين على تونس خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2023، أي من شهر جانفي إلى شهر أكتوبر، ما مجموعه 8,244 مليون وافد، بزيادة بنسبة 62,4% مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022، وبنسبة 13,8% مقارنة بسنة 2019، وهي السنة المرجعية قبل انتشار جائحة كورونا.
وتأتي هذه الزيادة في عدد السياح الوافدين على تونس مدفوعة بالعديد من العوامل، منها. تحسن الوضع الصحي العالمي، وتراجع حدة جائحة كورونا، وعودة حركة الطيران الدولية إلى طبيعتها، وإطلاق العديد من المبادرات الترويجية والسياحية من قبل الحكومة التونسية.
وقد ساهمت العديد من العوامل في عودة السياح من مختلف الأسواق الرئيسية إلى تونس، حيث سجلت الأسواق التالية أعلى نسبة نمو في عدد السياح الوافدين نذكر منها فرنسا بأكثر من 23% وألمانيا، بزيادة بلغت 66,3%، وإسبانيا 76,1% وإيطاليا 25,9%، والولايات المتحدة الأمريكية 37,1%، وكندا 23,7% والجزائر 41,2%، وليبيا 26,5%.
مبادرات حكومية لدعم القطاع
وتُدرك الحكومة التونسية أهمية قطاع السياحة للاقتصاد الوطني، وتعمل على دعمه من خلال مختلف المبادرات. وتشمل هذه المبادرات تخفيف الإجراءات الإدارية، حيث عملت الحكومة على تبسيط الإجراءات الإدارية لِتسهيل دخول السّياح إلى تونس، وتحسين البنية التحتية، حيث تم مؤخرا تخصيص استثمارات لِتحسين البنية التحتية السياحية، بما في ذلك المطارات والفنادق والطرق، كما تعمل على الترويج للسياحة التونسية دوليا، وشاركت تونس في مختلف المعارض السياحية الدولية لِلترويج لِجمالها ومقوماتها السياحية.
التحديات والآفاق المستقبلية
وعلى الرغم من الانتعاش الملحوظ، لا يزال قطاع السياحة في تونس يواجه بعض التحديات، بما في ذلك المنافسة من الدول المجاورة، حيث تواجه تونس منافسة قوية من الدول المجاورة، مثل المغرب ومصر، فضلا عن نقص الاستثمارات، حيث يُعاني القطاع من نقص الاستثمارات، ممّا يُعيق تطويره.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تُشير التوقعات إلى أنّ قطاع السياحة في تونس سيواصل نموه خلال السنوات القادمة. وتُتوقع وزارة السياحة التونسية أنْ يستقبل البلاد 10 ملايين سائح خلال عام 2024.
وتُشير التوقعات إلى أنّ تونس تستهدف استقبال 10 ملايين سائح خلال عام 2024، وذلك وفقًا لِتصريحات رسمية صادرة عن وزارة السياحة والصناعات التقليدية. وتأتي هذه التوقعات المُتفائلة في ظلّ مؤشرات إيجابية تُشير إلى انتعاش ملحوظ لِقطاع السياحة في البلاد بعد جائحة كورونا.
وتُؤكّد المؤشرات والتصريحات الرسمية أنّ تونس تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها بِاستقبال 10 ملايين سائح خلال عام 2024. ويُعدّ هذا الهدف طموحًا، ولكنّه قابل للتحقيق من خلال الجهود الحكومية المُتواصلة والتعاون الفعّال بين مختلف مكونات المجتمع.
جدير بالذكر أن السياحة في تونس، باتت من أهم موارد الدولة من العملة الصعبة وهي قطاع حيوي وتمثل 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وتتوقع السلطات لهذا العام أن تتجاوز الإيرادات التوقعات، مع تسجيل قفزة كبيرة في عدد الوافدين، علما أن التقديرات المحينة تشير إلى أن تونس بدأت تسترجع جميع مؤشراتها السياحية لما قبل جائحة كورونا.
*المصدر: الصباح